anhams

على سبيل اليوميات

قبل أسبوعين شهدت أدنبرة موجة حر مدة يومين بلغت فيهما درجة الحرارة القصوى ٣٠. لم يكن الطقس لطيفا في الخارج إلا بعد الساعة السابعة. وجوه السكوتلنديين حمراااااااااء. اخترت أن أستغل موجة الحر بمشاهدة بعض الأفلام في السينما. شاهدت فيلمين. الأول Brian and Charles وهو كوميدي لكن لم يضحكني. الآخر فيلم أنيمي ياباني Fruits Basket: Prelude وبالكاد فهمت قصته.

الأسبوع التالي اخترت أن أعيد التجربة. ذهبت لمشاهدة فيلم Top Gun: Maverick. اخترته لأنه أعجب كل من أعرف، فلابد أنه سيعجبني. القاعة ممتلئة مع أن الفيلم صدر منذ ثلاثة أشهر. يتحدث الفيلم عن نخبة النخبة. أفضل طيار حربي في أفضل جيش. يدخل البطل في مهمات لا يعتقد الكثير إمكانية تحقيقها. من صفاته أنه يُعرض عن الانصياع للأوامر حين يرى ضرورة ذلك. يتمرد. أحداث الفيلم تحبس الأنفاس. بعدما انتهى، التفت إليّ الجالس جنبي وقال: That was tough.

تركني الفيلم أتساءل: ما هو الشيء الذي أريد أن أتقنه أكثر من أي شخص آخر، لدرجة الاقتراب مما يعده الآخرون مستحيلا ؟

الفيلم الأخير كان Good luck to you, Leo Grande. استمتعت جدًا بكل دقيقة من الفيلم. تقرر البطلة أن تقوم بخطوة جريئة لأول مرة في حياتها. فبعدما تعدت الخمسين، دخلت في علاقة مع شاب مقابل المال. تتطور علاقتهما ببعض وتنكشف تفاصيل دقيقة عن حياتهما وكيف لعب أقرب الناس دورا مهما في المكان الذي هم فيه الآن. الفيلم يدفعنا لعدم الحكم على الآخرين بسبب رغباتهم. تقول البطلة بعدما تأملت التجربة التي مرت بها:

“اللذة شيء رائع. إنها شيء يجب علينا كلنا الحصول عليه”.

“Pleasure is a wonderful thing. It’s something we should all have.”

اليوم ٢ أغسطس، ذكرى الغزو العراقي للكويت. استمر الاحتلال حتى نهاية فبراير ١٩٩١. سبعة أشهر والكويت تصارع من أجل البقاء. وبعد تحرير البلاد كانت هناك أكثر من ٧٠٠ بئر نفطية مشتعلة ما جعل السواد يخيّم على سماء الكويت. استغرق اطفاء الآبار ٨ أشهر. لم يكن سهلًا الإيمان أن ما حدث لن يتكرر. لم تكن التسعينات سهلة. امتنعت رؤوس الأموال الكبيرة عن المخاطرة في المشاريع الاقتصادية في ظل التهديد القائم. وحشد العراق جيشه، مرة أخرى، على الحدود مع الكويت في ١٩٩٤. وبقيت علاقة الكويت مع عدة دول عربية، التي تُعرَف بدول الضد، مقطوعة إلى نهاية التسعينيات.

عند الحديث عن الكارثة التي عانى منها الشعبين الكويتي والعراقي، لا أستطيع تجاوز كلام أحمد الربعي وهو يشرح معنى الديمقراطية التي تتطور وتنمو جيلا بعد جيل، وبين الرأي الواحد.

تكثر المهرجانات في أدنبرة خلال الصيف. يصل عددها إلى سبعة. من مهرجان الأفلام إلى الكتب إلى الفن والأكل.

ذهبت إلى ساحة جورج حيث مهرجان الأكل. مررت على كل الأكشاك التي ضمت مزيجا لذيذا من أصناف الطعام. مع كل هذا التنوع، إلا أنني مثل محمود درويش، لا شيء يعجبني. خرجت متجها إلى محل آخر لتناول العشاء. لكن أحد الأكشاك الخارجية استوقفني. اسمه Alandas يقدم وجبة السمك والبطاطا المقلية الشهيرة هنا.

أسالت لعابي صور الشوكلاتة الساخنة التي يقدمها مقهى Uplands Roast. يقع المقهي عند ممشى المرج Middle Meadow Walk. طلبت منه الشوكلاتة الساخنة وجلست أحتسيها على الحشيش. طعمها لذيذ، لكني لم أستطع أن أصل إلى نصف الكوب. لدي هذه المشكلة من السكريات. بعد تناول الحلويات العالية بالسُكّر ينتابني إما خمول أو صداع. قدرتي على تناول الحلويات لا تتعدى القطع الصغيرة. لقمة أو لقمتين.

١- أثار فيلم Top Gun فيني الفضول لمعرفة أنواع الطائرات الحربية في الجيش الأمريكي. فشاهدت هذا الفيديو عن الأجيال المختلفة للمقاتلات.

٢- البابريكا، البهار الأحمر الذي أضيفه إلى الطعام حين أطبخه، ليست سوى بودرة فلفل أحمر مجفف! لم أكن أعرف هذه المعلومة إلا قبل كم يوم. الآن أنت أيضا تعرف.

٣- أحدهم عرّف العزلة على أنها “الحرية من المعلومات المدخلة من عقول الآخرين”.

٤- أحد الغرباء الذين تحدثت معهم مؤخرًا أخبرني أنني أشبه الممثل الأمريكي نيك كرول!

٥- يقول جيسون مراز: “ولدنا لنحب، لا لنكره. نستطيع اختيار قدرنا”.

أتمنى لك نهاية أسبوع رهيبة.

جلست في المقهى أحتسي قهوة سوداء وأتناول حلوى الناتا وأقرأ كتابا في الكندل. كتابي الحالي هو Save the cat، يعد أشهر كتاب يتناول موضوع كتابة السيناريو. يشرح بأسلوب رائع القواعد التي تقوم عليها أفلام هوليوود. كنت منهمكا في تظليل عناوين الأفلام الكثيرة التي رشحها المؤلف لأشاهدها لاحقا وأرى كيف ينطبق تحليله عليها. وفكرت أنني سأكتفي برفقة هذا الكتاب إلى نهاية الرحلة، ولن أشتت نفسي بقراءة كتابين في نفس الوقت. ثم… تجمعت فوق شاشة الكندل قطرات المطر. فتوقفت عن القراءة وشرعت أجوب الشوارع تحت الرذاذ. قادتني خطواتي إلى مكتبة Typewronger فقلت لأدخل ألقي نظرة سريعة على الكتب، رغم عدم حاجتي لشراء أي كتاب لأن لدي الكندل وفيه ما يكفي من كتب. وأنا أقلب عينيّ على أسماء المؤلفين استوقفني اسم ساياكا موراتا! أوه! صدر لها كتاب جديد؟ كيف لم أسمع عنه؟ عرفت أنه صدر قبل عشرة أيام فقط. قصص قصيرة بعنوان Life Ceremony. كما لو أن قطرات المطر كانت تنبهني إلى أن عليّ التوقف عن القراءة والسير في الشارع الذي سيأخذني إلى المكتبة التي سأجد فيها نسخة واحدة من كتاب موراتا الجديد. شكرا للمطر.

تقول كاتبة السيناريو أنها أرادت أن تكتب شيئا إيجابيا عن الجنس، وفي نفس الوقت لم ترغب في الكتابة عن علاقة تقليدية تنتهي بالزواج. في هذا الفيلم تقرر البطلة أن تقوم لأول مرة في حياتها بخطوة جريئة. فبعدما تعدت الخمسين، دخلت في علاقة مع شاب مقابل المال. تتطور علاقتهما ببعض وتنكشف تفاصيل دقيقة عن حياتهما وكيف لعب أقرب الناس دورا مهما في المكان الذي هم فيه الآن. الفيلم يدفعنا لعدم الحكم على الآخرين بسبب رغباتهم. تقول البطلة بعدما تأملت التجربة التي مرت بها:

“اللذة شيء رائع. إنها شيء يجب علينا كلنا الحصول عليه”.

“Pleasure is a wonderful thing. It’s something we should all have.”

حين أريد التوقف عن التفكير في فكرة تتكرر في ذهني عدة أيام، أفعل التالي: أعد عكسيًا من ٥ إلى ١، ثم أفكر بشيء أريد فعله في هذا اليوم.

على صعيد آخر كلمة جديدة تعلمتها. في الإنگليزية السكوتلندية تطلق كلمة burn على النهر الصغير، يقابلها بالعربية كلمة جعفر.

اتفقت مع يولا أن نلتقي بعد الظهر في الحديقة الملكية النباتية. سبت. طقس مشمس ولطيف للتجول على القدمين. تجولنا في الحديقة إلى أن بلغنا المقهى. جلسنا نحتسي قهوتنا ونتحدث؛ عن الصين، تونس، الكويت. التاريخ والفكر والدين. هي تونسية عاشت فترة في الصين، ووصلت إلى أدنبرة قبل أسبوع. لديها معرفة ممتازة بالتاريخ. يولا هو اسمها الصيني. تتحدث بشغف عن ديهيا، الكاهنة التي وحدت القبائل الأمازيغية واستطاعت أن تهزم الجيوش العربية. عن بورقيبة والاستعمار الفرنسي. عن الحريات في تونس التي أتاحت للكثير من المفكرين طرح ومناقشة ما لا يستطيع الكثير من العرب مناقشته في بلدانهم. كانت يولا تظن أن أغلب سكان الكويت بشرتهم سمراء لأن أغلب أعضاء فرقة ميامي، التي تعرفها منذ طفولتها، من ذوي البشرة السمراء وكذلك المشهور الكويتي أبوفلة. لخَّصْت لها تاريخ الكويت بدقائق. كيف هاجر الكويتيون الأوائل. كيف نشأت الإمارة دون حرب. كيف بدأ أول مجلس شورى في شبه الجزيرة العربية. كيف شكّل تنوع المهاجرين من البلدان المجاورة مزيجا فريدًا. حياة يولا لسنوات في الصين جعلتها تحن للطعام الشرق الأوسطي الذي لا تجده دائما. اخترنا مطعما إيرانيا للعشاء. حين عرفتْ عن ولعي باليابان رشحت لي بعض قصص المانگا التي تحبها كثيرا. أثارت فضولي واحدة من القصص التي رشحتها وهي Black Butler. لديها ولع في الرقص. بعد العشاء الأيراني اقترحت أن نزور إحدى الحانات التي تقدم دروسًا في رقصة الباتشاتا التي سمعت عنها لأول مرة. فنستطيع أن نجلس ونشاهدهم. وصلنا قبيل الثامنة. درس الرقص في الدور الأسفل. نزلنا. مدرب رقص لاتيني يقف أمام صف من الشباب والبنات. وقفنا نشاهد، وإذا بالمدرب يدعونا للانضمام إليهم. رمقتني يولا بنظرة تساؤلية، أومأتُ لها “لنفعل ذلك”. هكذا. جئت لأشاهد من بعيد لأجدني في قلب المشهد. مبادئ رقصة الباتشاتا بسيطة. قائد وتابع. وتزامن في الخطوات والحركات. تمرنا ساعة ونصف، ثم خرجنا والشمس ما تزال مشرقة.

‎الوثائقي صانعة المَلِك يسلط الضوء على إمِلدا، زوجة فرناندو ماركوس رئيس الفلبين الأسبق، والتي دفعت بولدها بونجبونج ليخوض المعترك السياسي لتستعيد مجد آل ماركوس. نجح ولدها في انتخابات نائب الرئيس في ٢٠١٦، والآن هو رئيس الفلبين.

Enter your email to subscribe to updates.